كيف أحدثت المطابخ السحابية ثورةً نوعية في قطاع المطاعم؟
هل تخيّلت يومًا أن بيع الطعام سيكون قابلًا للتطور والقياس وأن مصطلح “تأثير أمازون” سيكون له علاقة بذلك!
في الوقت الذي لا يزال به مصطلح “تأثير أمازون” غير واضح تمامًا، يمكننا وصفه بأنه التأثير الهائل الذي تركه صانعو التطورات الجذرية مثل أمازون على الصناعات المختلفة وعادات المستهلكين. وبما أن توقعات المستهلكين في ازديادٍ تام طوال الوقت وتجارب الشراء تحولت بشكل كبير وسريع، أصبح على الشركات التطوير من نفسها لتنجو وتستمر.
وبالإضافة إلى التغييرات التي أحدثها فيروس “كوفيد-19″، أصبحنا نعيش فعلًا في عصر “البقاء للأصلح”. فقد أصبح كل شيء مرقمنًا، وقد حفَّزت النقلة نحو العمل من خلال التوصيل فقط للمستهلكين للبحث عن تجارب شراء افتراضية وسهلة وسريعة للحصول على المواد الأساسية كالطعام والبقالة.
ومن هنا ولدت فكرة المطابخ السحابية (Cloud Kitchens).
المطابخ السحابية أو الافتراضية هي منشآت تجارية مرخصة ومركزية تختص بإنتاج الطعام وتتنوع ما بين مطعم واحد لعدة مطاعم في مساحات مستأجرة لتحضير منتجات يتم طلبها من القوائم الخاصة بخدمات التوصيل. وعلى عكس المطاعم التقليدية، فإنه لا يوجد واجهة لاستقبال الزبائن على أرض الواقع أو امكانية تناول الطعام في الداخل؛ حيثُ تقبل هذه المطاعم طلبات التوصيل فقط ومن خلال التطبيقات والمكالمات الهاتفية أو من خلال وسيط خارجي بين المطعم والزبون لتجميع الطلبات إلكترونيًا.
ومع توقع ازدياد أرباح سوق توصيل الطعام لتصل إلى حوالي 137,596 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2023، فإن المطابخ السحابية التي تزداد شعبيتها بسرعة كبيرة سيكون لها الحصة الأكبر في المساهمة بهذه النسبة. لذلك فإنَّ كل مطعم – بالرغم من حجمه – يحاول اعتماد الأسلوب نفسه والتحوّل لخدمات توصيل الطعام الإلكترونية (الأونلاين) كوسيلة للحفاظ على سير العمل.
إذا كنت تفكر بإطلاق مشروعك الخاص بالطعام، إليك أربعة أسباب تجعلك تتجّه للشراكة مع مطبخ سحابي:
- الفرص السوقية
أدَّت سهولة الحصول على الطعام مع خدمات التوصيل ووصوله بوقتٍ قياسي وسعر منافس إلى زيادة طلب الطعام بطريقة الأونلاين، حتى أنَّها بدأت تتغلب على حصة السوق من المطاعم التقليدية وأصبحت بديلًا للطهي في المنزل. ومن المتوقع أن تصل عائدات توصيل الطعام عند طلبه أونلاين لمعدل نمو سنوي إجمالي بنسبة 10.39% بين الأعوام (2021-2025) مما يؤدي لرفع حجم السوق بحوالي 401,391 دولار أمريكي بحلول عام 2025، بينما من المتوقع أن يصل عدد المستخدمين لأكثر من 2.6 مليون في عام 2025.
- تكاليف منخفضة لإقامة المشروع
التعاون مع مطبخ سحابي يتطلب استثمارًا أقل بما أنك لا تحتاج موقعًا أساسيًا ليرتاده الزوار. وبما أنه لا يوجد واجهة لاستقبال الناس، فلن تحتاج لأي ديكورات داخلية باهظة الثمن أو فريق ضيافة لضمان تجربة مثالية لزبائنك.
- سهولة التجربة
يتيح لك نموذج عمل المطبخ السحابي فرصة تجربة عدة طرق للعمل وبتكلفة منخفضة. ويمكنك كذلك تشغيل عدد كبير من العلامات التجارية في مطبخ واحد باستخدام المصادر والبنية الأساسية نفسها.
- سهولة القياس
عند العمل في مطبخ سحابي، فإن قياس العمليات يكون أسهل وأسرع، حيثُ إن الاستثمار يكون أقل بشكل ملحوظ، وبإمكانك إدارة عدة علامات تجارية في الوقت نفسه.
بعد أن تعرَّفت على فوائد إطلاق فكرتك الخاصة بالطعام بشكلٍ مختلف، نقدم لك تاليًا عدة أنواع للمطابخ السحابية:
- المطبخ السحابي المستقل
قد أصبح هذا النموذج الأكثر انتشارًا، حيث يعمل المطعم الافتراضي دون أن يكون له واجهة واضحة للزبائن، ممّا يساعد المشاريع الصغيرة على تقليل مصاريف الاستثمار في المشروع ويمنحهم الفرصة للتركيز على المطبخ الأساسي. ويمكن بيع الطعام الذي يقدمه هذا النموذج من خلال التطبيقات الذكية لتوصيل الطعام.
- المطبخ السحابي المشترك لعدة علامات تجارية
يعمل في هذا النموذج التكنولوجي المتقدم علامة تجارية كبرى تمارس عملها من خلال عدة علامات تجارية خاصة بتحضير الطعام تعمل تحت مظلتها، وذلك لتزويد المستهلكين بأكثر الأطباق طلبًا في المنطقة التي يكون فيها عدد قليل من المنافسين. ويتم قبول طلبات الطعام إلكترونيًا فقط، ويتم التنسيق لخدمة التوصيل من خلال طرف ثالث مزود للخدمة أو من خلال طاقم التوصيل الخاص بالعلامة التجارية.
- المطابخ السحابية الهجينة
يقوم هذا النموذج على مبدأ المطبخ السحابي الجزئي الذي يسمح للمستهلكين بزيارة ومشاهدة المطبخ وكيفية تحضير الطعام. ولكن لا تقدم هذه المطاعم خدمات تناول الطعام في الداخل؛ لذلك يستطيع الزبائن القدوم لأخذ طلبهم أو الطلب إلكترونيًا.
- المطبخ المجمّع
مع هذا النموذج المبني على خدمات الوسيط لتزويد الخدمة، تتعاون المطاعم مع وكيل التوصيل الذي يمتلك المطبخ الذي تعمل به. ويعمل في هذا النموذج عدة مطاعم تحت سقف واحد، مما يجعله مثاليًا لرواد الأعمال الصغيرة لإطلاق مشاريعهم بدون الاستثمار بمبلغ مقطوع؛ وذلك لتوفّر مساحة مطبخ كافية مع بنية أساسية. وبالإضافة إلى ذلك، عندما يعمل المطعم باستخدام تطبيق توصيل واحد معروف فإن هذا يضمن المزيد من الترويج ووصول أكبر للمستخدمين وخلق وعي أكبر حول العلامة التجارية.
- مطبخ مجهَّز بالكامل
يُعدّ هذا النموذج تطورًا لفكرة المطبخ المجمّع، حيثُ يقدم صاحب تطبيق التوصيل للعلامات التجارية مطبخًا مجهزًا بالكامل، وكل ما عليها فعله هو إدارة عمليات تحضير الطعام بينما يقوم صاحب شركة التوصيل بالاهتمام بشؤون الإمداد بالمعدات، واستقبال الطلبات، وتوصيل الطعام. ويوفّر هذا النموذج أيضًا واجهةً يمكن للزبائن الوصول إليها.
- المطابخ التي تستعين بمصادر خارجية
أغلب عمليات تحضير الطعام تتم في مطابخ سحابية مركزية، والتي يقوم مالكها بشراء وتخزين المواد، واستقبال الطلبات، ثم يقوم بتحضير الأطباق مسبقًا في المطبخ. وبعدها يقوم المطعم الشريك بإضافة لمسته الأخيرة، ويتم تقديم الوجبات مجددًا من خلال مالك المطبخ السحابي. ويفيد هذا النموذج المطاعم من خلال الحصول على طلبات ضخمة بشكل منتظم، لأن ضغط العمل يكون مقسَّما بين المطعم والمطبخ السحابي.
والآن بعد أن أصبح لديك فهمًا أفضل لنماذج المطابخ السحابية التي تلائم مشروعك الخاص بالطعام، نود تذكيرك بأهمية التسويق الإلكتروني لضمان نجاحك، خاصةً أنَّ مشروعك لا يستقبل الزوار في الداخل وليس له واجهة لجذب الزبائن. ولا تنسَ الاستثمار في تواجدك على وسائل التواصل الاجتماعي والتعاقد مع تطبيق خاص بتوصيل طلبات الطعام لتطويرعملك. وأهم نصيحة لك هي الاهتمام بطريقة تغليف منتجك وجعلها قوية ومبتكرة للفت انتباه عدد أكبر من محبي الطعام؛ حيثُ إنها طريقة التواصل الوحيدة بينك وبين زبونك.
ومع النمو المتسارع لسوق المطاعم عالميًا، فإنَّ انضمامك لمطبخ سحابي هو واحد من أفضل القرارات التي يمكنك اتخاذها؛ حيثُ ستتمكّن من التركيز على تقديم أشهى وأفضل الأطعمة لزبائنك، بدلًا من التفكير بالإيجارات العالية والاستثمارات والمصاريف التي تثقل كاهلك.
بقلم: دينا طوقان، محلل استثمار رئيسي في الصندوق الأردني للريادة